أرسنال- أزمة بيع اللاعبين وعجز الأرباح رغم الإنفاق الضخم

على الرغم من أن نادي آرسنال قد جمع مبلغًا محترمًا قدره 465 مليون يورو من بيع اللاعبين، إلا أنه لم يتمكن من تحقيق أرباح طائلة من هذه الصفقات. ووفقًا لإحصائيات ترانسفير ماركت العالمية، يحتل آرسنال المركز الثالث عشر بين الأندية الإنجليزية فيما يتعلق بعائدات الانتقالات خلال السنوات العشر الماضية.
ومع ذلك، يبدو أن هذا الصيف يمثل منعطفًا حاسمًا بالنسبة لآرسنال ومشروع المدرب ميكيل أرتيتا. فقد أحدث المدرب الإسباني تغييرات جذرية في الفريق منذ توليه المسؤولية خلفًا لأوناي إيمري في عام 2019، ونجح في بناء أحد أقوى الفرق في أوروبا. لكن عدم تمكنه من تحقيق الألقاب قد أثار انتقادات متزايدة في الآونة الأخيرة.
وقد سادت حالة من الاستياء بين جماهير آرسنال بسبب عدم تدعيم خط الهجوم في الموسم الماضي، وخاصة خلال فترة الانتقالات الشتوية، حيث كانت هناك ثغرات واضحة في التشكيلة.
لذا، سيكون تعزيز الخط الأمامي أولوية قصوى لآرسنال في فترة الانتقالات الصيفية المقبلة، وتشير التقارير إلى أن النادي قد توصل بالفعل إلى اتفاق لضم مارتن زوبيمندي ليكون المهاجم رقم ستة الجديد في الفريق.
مما لا شك فيه أن أرتيتا قد حسّن من مستوى النادي بشكل ملحوظ، ولكن لا تزال هناك علامات استفهام كبيرة حول سياسة التعاقدات ومبيعات اللاعبين. فالرقم القياسي التاريخي لآرسنال في بيع اللاعبين يعتبر متواضعًا للغاية مقارنة بالمنافسين الآخرين.
سجل آرسنال المتواضع في بيع اللاعبين
تجدر الإشارة إلى أن عجز آرسنال عن تحقيق أرباح كبيرة من بيع اللاعبين ليس وليد اللحظة، بل يعود إلى فترة ما قبل تولي أرتيتا المسؤولية، واستمر هذا الأمر خلال فترة ولايته.
شهدت المواسم القليلة الماضية بعض التحسينات الطفيفة، حيث تمكن النادي من الحصول على رسوم انتقال جيدة مقابل لاعبين مثل إيدي نكيتياه وفولارين بالوغون وإميلي سميث رو.
ومع ذلك، لم يسبق لآرسنال أن باع أي لاعب مقابل مبلغ يتجاوز 40 مليون يورو في تاريخه. وإذا نظرنا إلى عائدات النادي من الانتقالات خلال العقد الماضي، فإننا نجد أنه يحتل المركز الثالث عشر بين الأندية الإنجليزية، وهذا أمر يدعو للقلق.
صحيح أن آرسنال قد جمع 465 مليون يورو من بيع اللاعبين، إلا أن هذا المبلغ يقل بثلاثة أضعاف عن المبلغ الذي حققه تشيلسي (1.44 مليار يورو)، ويكاد يكون نصف المبلغ الذي جمعه مانشستر سيتي (922 مليون يورو).
وقد ازدادت أهمية توليد الإيرادات من خلال بيع وشراء اللاعبين بشكل ملحوظ في المواسم الأخيرة، وذلك بسبب تطبيق لوائح مالية أكثر صرامة من قبل الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا).
حتى الأندية الهابطة جمعت أموالاً أكثر من آرسنال
إن جمع الأموال من خلال بيع اللاعبين، وخاصة خريجي الأكاديمية، يمنح النادي مزيدًا من المرونة فيما يتعلق بقواعد اللعب المالي النظيف. وقد نجح آرسنال في جمع ما يقرب من 100 مليون يورو من خلال بيع نكيتياه وبالوغون وسميث رو مجتمعين.
لكن النادي لا يزال متخلفًا بفارق كبير عن أكبر منافسيه على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز، وهما ليفربول ومانشستر سيتي. فالمفارقة أن ناديي ليستر وساوثهامبتون، اللذين هبطا إلى دوري الدرجة الأولى، قد جمعا أموالاً أكثر من آرسنال خلال السنوات العشر الماضية.
لماذا لا يبيع آرسنال لاعبيه بأموال طائلة؟
بيع اللاعبين بمقابل مادي كبير ليس شرطًا ضروريًا لنجاح أي نادٍ، ولكنه بالتأكيد يمثل إضافة قوية ويساعد على تعزيز الميزانية. وتعتبر هذه الاستراتيجية جزءًا أساسيًا من خطط العديد من الأندية الكبرى في الدوريات الأوروبية.
خلال موسم 2023/2024، حقق آرسنال سابع أعلى الإيرادات في العالم (717 مليون يورو)، وثالث أعلى الإيرادات في الدوري الإنجليزي الممتاز بعد مانشستر سيتي ومانشستر يونايتد. وهذا يعني أن النادي يتمتع بوضع مالي قوي يُمكّنه من تعزيز صفوفه في الصيف المقبل دون الحاجة إلى بيع لاعبين لجني الأموال. ومع ذلك، يبقى هذا الجانب بحاجة إلى تطوير وتحسين.
لا تزال صفقة انتقال أليكس أوكسليد-تشامبرلين إلى ليفربول في عام 2017 مقابل 38 مليون يورو هي الأكبر في تاريخ مبيعات آرسنال. وستكون هذه الصفقة ثالث أقل صفقة بين أندية الدوري الإنجليزي الممتاز في الموسم المقبل، وهذا مؤشر آخر على ضعف آرسنال في تحقيق مبيعات كبيرة.
فقط ناديي بيرنلي وسندرلاند، وهما من الأندية الصاعدة حديثًا إلى الدوري الإنجليزي الممتاز، حققا مبيعات قياسية أقل من آرسنال. ولكن ما هو السبب وراء هذا السجل المتواضع للمدفعجية في بيع اللاعبين؟
قسم المبيعات لم يتعافَ بعد
يوضح بن ليتلمور، مدير المحتوى البريطاني في ترانسفير ماركت وأحد مشجعي آرسنال: "لفترة طويلة، خلال فترة حكم أرسين فينجر وإيمري، كانت عمليات التعاقد مع اللاعبين في آرسنال كارثية بكل المقاييس."
ويضيف: "لقد تحسنت الأمور بشكل ملحوظ تحت قيادة إيدو غاسبار، ولكن بسبب سوء التنظيم الذي كان يعاني منه النادي، ووجود العديد من اللاعبين كبار السن الذين يتقاضون أجورًا باهظة، بالإضافة إلى نقص الأصول القابلة للبيع، اضطر النادي إلى إلغاء العديد من العقود من أجل البدء من جديد."
ويختتم ليتلمور حديثه قائلًا: "لم يتمكن قسم المبيعات في آرسنال من التعافي بشكل كامل حتى الآن، ولم يتمكن من استرداد المبالغ الضخمة التي تم دفعها مقابل العديد من اللاعبين. وعلى الرغم من حدوث بعض التحسن في الصيف الماضي، حيث حصل النادي على مبالغ جيدة مقابل نكيتياه وإميل سميث رو وآرون رامسديل، إلا أن هذا الجانب لا يزال بحاجة إلى مزيد من التطوير تحت قيادة الإيطالي أندريا بيرتا."